تبدأ وزارة الإسكان تسليم 10 آلاف وحدة سكنية مشيدة على نظام البناء الذكي للمواطنين ابتداء من نهاية 2012،بكلفة 480 مليون دينار ، بالاضافة الى 40 الف وحدة اخرى حتى .2015
حيث تنفذ الوزارة نحو 5 آلاف من هذه الأبنية بطريقتها، فيما سيتم تكليف شركات تابعة للقطاع الخاص بتنفيذ نحو 5 آلاف وحدة أخرى، فيما أكد خبراء غربيون وعرب خلال أعمال (منتدى تطوير السكن الملائم) الذي عقد في البحرين أمس، أن دول المنطقة لن تنجح في وضع حلول جذرية لمشكلات الإسكان المتفاقمة، ما لم يستخدموا أساليب البناء التكنولوجية الحديثة، مشددين على ضرورة التخلص من وسائل البناء التقليدي التي حذروا من أنها سوف تشكل على المنطقة عبئا بيئيا ثقيلا.
إلى ذلك، قال وزير الإسكان الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة في تصريح حصري لـ "أخبار الخليج" على هامش المنتدى: إن تنفيذ هذه الوحدات السكنية وتسليمها إلى المواطنين سوف يقلل مدة الانتظار على لائحة الطلبات الإسكانية في المملكة، ونعتزم أن نقلص هذه المدة إلى خمسة أعوام بحلول 2015، مشيرا إلى أن الوزارة تتلقى في المتوسط 6 آلاف طلب جديد للسكن سنويا، وأن هذا المعدل مرشح للزيادة مع الارتفاع الذي تشهده معدلات الزيادة السكانية في البحرين.
وأضاف ان البحرين من الدول القلائل في الشرق الاوسط وشمال افريقيا التي توفر (السكن الملائم) لمواطنيها، فبحسب تعريف وزارة الإسكان اوالتنمية الحضرية الأمريكية فإن السكن الملائم يعني ذلك المسكن الذي لا تزيد كلفة ما يلتزم به المستفيدون تجاهه سوى 30% من دخل الأسرة الشهري، وفي البحرين لا تتجاوز هذه الكلفة 25% من دخل الأسرة، إضافة إلى أن الحكومة البحرينية تقدم للمواطنين نحو 75% من كلفة المسكن، حيث يقدر إجمالي المبالغ التي قدمتها الحكومة لدعم إسكان البحرينيين خلال السنوات العشر الماضية منذ تولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم، مليار دولار أمريكي.
ومشيرا إلى أهمية أن يستخدم قطاع الإنشاءات في البحرين الوسائل التكنولوجية الحديثة في الأبنية، واعتماد طرق البناء الذكي والأبنية الخضراء، قال الوزير خلال تصريحه لـ "أخبار الخليج": إن البحرين بدأت استخدام هذه الوسائل المتطورة منذ مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث بنيت مدينة عوالي التابعة لشركة نفط البحرين (بابكو) في تلك الحقبة، وما زالت المدينة تتمتع بقوامها القوي، في الوقت الذي آلت الأبنية التي بنيت على الطريقة التقليدية في الثلاثينيات إلى السقوط ولم يعد لها وجود أو أنها لم تعد ملائمة للسكن منذ عقود طويلة.
وأضاف الوزير: إن الأبنية المشيدة على طريقة البناء الذكي توفر مجموعة من المزايا التي ينبغي أن نلتفت إليها جيدا، فمن تلك المزايا، أن تشييدها لا يستغرق سوى 60 يوما مقابل 12 شهرا للأبنية التقليدية التي لم يعد مسموحا بإنشائها في الكثير من الدول الغربية والآسيوية، للآثار البيئية الضارة التي تترتب على بنائها، كما أنها تتمتع بجودة عالية وخاصية للتعمير أكثر مما هو عليه في الأبنية التقليدية، والمثال شاهد أمامنا في مدينة عوالي، بالإضافة إلى أن قوة العزل الكهربائي في الأبنية الحديثة تقدر بنحو 40 إلى 50%، أما أسعارها فتقل بنسبة 15 إلى 30% عن كلفة البناء بالطرق التقليدية، وهي أبنية تتواءم مع المتطلبات البيئية.
وقال الوزير: إن محدودية رقعة الأراضي المحدودة في البحرين، تلزمنا باعتماد أساليب بناء جديد للمساكن، ولذلك، فإن الوزارة سوف تعتمد أسلوب الأبنية المتلاصقة في السنوات المقبلة، حتى تفي بحاجة المواطنين الراغبين في الحصول على بيوت الإسكان، إلى جانب اعتمادها أساليب البناء الحديثة التي توفر الكلفة والجهد وتتمتع بتلك المزايا التي ذكرناها. لقد حظيت جهود القيادة السياسية في هذا الصدد بالاعتراف الدولي ممثلا في جائزة قمة الألفية التي منحت لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء اعترافا بفضل سموه في خفض مستوى الفقر وتحقيق التنمية الانسانية المستدامة.
إن من الأمور التي تثير القلق في عالمنا العربي عدم التناسب بين الطلب على الوحدات السكنية والمعروض منها، وقد نبه عدد كبير من الدراسات التي أعدت عن هذا الموضوع إلى خطورة الزيادة المطردة في الطلب وإلى الحاجة العاجلة إلى التفكير الخلاق والحلول غير التقليدية لعلاج القصور في المعروض.
وترجع الزيادة المطردة في الطلب على الإسكان في العالم العربي إلى ارتفاع نسبة صغار السن إلى مجموع السكان إلى اتساع رقعة الحضر مع زيادة البطالة. فمن المتوقع أن يصل عدد الوحدات السكنية المطلوبة في العالم العربي إلى نحو 70 مليون وحدة مع نهاية عام 2020، تقع 60% منها أي حوالي 42 مليون وحدة في الحضر. ومما يزيد القلق هو عجز الكثير من المواطنين في المنطقة عن الحصول على السكن الملائم.
ومع ذلك، فأنا على اقتناع تام بأن في الإمكان التعامل مع مشكلة القصور في المعروض من السكن الملائم من خلال تقنيات البناء الأخضر ذات الاستخدام المتزايد حاليا. فالفجوة بين العرض والطلب يكمن سببها الأساسي في التطلع إلى مساكن عالية الجودة لا تتيح تقنيات البناء التقليدية توفير الأعداد الكافية منها. ولكن بالتفكير الخلاق واستخدام الحلول الجذرية، مثل تقنيات البناء الأخضر والبناء الذكي التي غدت حاليا أكثر جدوى وأكثر استعمالا، يمكن مع الوقت تغطية فجوة الطلب المتزايدة أو تغطية الجزء الأكبر منها على الأقل. فمثل هذه التقنيات، كما هو معروف تتيح انتاج عدد أكبر من وحدات الإسكان الاجتماعي في وقت أقصر وبتكاليف أقل وجودة أعلى فضلا عن أنها تأخذ أيضا في الاعتبار اعتبارات البيئة والصحة.
ويظل مع ذلك هناك الكثير الذي لايزال من الواجب عمله، وخصوصا في تطوير تقنيات للبناء أبسط في الشكل وأرخص في الثمن وأكثر ملاءمة للثقافات والبيئات والقدرات المالية المختلفة. فلايزال في الإمكان تطوير واستثمار المزيد من الحلول المناسبة لمشكلة الإسكان من خلال العمل المشترك لكل من يعنيهم الأمر بما في ذلك الحكومات ووحدات القطاع الخاص والمؤسسات المالية.
على مدى العقود الثلاثة الماضية نهجت وزارة الإسكان في مملكة البحرين كل السبل لتوفير السكن الملائم. وقد ضاعفت من جهودها في هذا الاتجاه خلال السنوات القليلة التي خلت. فشرعت في حصر أساليب وتقنيات ومواد البناء التي يمكن استخدامها في توفير العدد المطلوب من السكن الملائم، وأتت هذه الجهود بالفعل بنتائج مشجعة. وسوف تستمر الوزارة في بذل كل الجهود لتشجيع وتطوير الحلول المثلى لظروف البحرين آخذة في حسبانها اعتبارات البيئة والمتانة وملاءمة الفئات المستهدفة.
وتضمنت هذه الجهود وضع حجر الأساس للمركز العالمي للبناء الذكي في يناير من هذا العام لتطوير تقنيات البناء الأخضر الملائم لظروف البحرين. وتصب أهداف هذا المركز في حشد جميع أطراف صناعة البناء من مختلف القطاعات لتطوير الحلول الممكنة لتوفير السكن الملائم في المملكة. وسوف يكون هذا المركز هو راعي التجديد في مجال البناء كما سوف يوفر الزخم والدعم لتنفيذ الحلول الخلاقة ليس فقط في البحرين وانما في العالم العربي أيضا.
كذلك تضمنت جهود وزارة الإسكان، توفير السكن الملائم وتطبيق تقنيات البناء الأخضر في تنفيذ برنامجها الخاص ببناء 50,000 وحدة سكنية من وحدات الإسكان الاجتماعي. ففي مشروعنا الأول لشراكة مع القطاع الخاص، الذي عرض أخيرا في مناقصة البناء 50,000 وحدة سكنية مع منتصف عام 2012، طلبنا من الشركات التي تقدمت بعطاءات أن تطبق أحدث أساليب البناء بما في ذلك التقنيات الخاصة بالكهرباء والماء حتى تأتي المساكن خضراء وملائمة لذوي الدخل المحدود من المواطنين. كما طلبنا منهم في الوقت نفسه عدم التهاون في توفير أساليب الراحة سواء في داخل الوحدة السكنية أو في خارجها. فمع جودة التصميم يمكن خفض التكاليف بما يجعل الوحدات السكنية في متناول الفئات المستهدفة أكثر من قبل. وفي مشاريع الشراكة التالية سوف يطلب من الشركات المتقدمة للعطاءات أن تكون أكثر إبداعا في تطبيق معايير البناء الأخضر لتوفير السكن الملائم.
وأخيرا وليس آخرا، أقدمت وزارة الإسكان على تحديث كودات البناء المطبقة في المملكة لتسهيل استخدام الحلول المبتكرة والخلاقة في صناعة البناء في البحرين. ومن المتوقع مع تطبيق الكود الجديد أن يتمكن القطاع الخاص من أن يطور وينفذ أساليب أكثر ملاءمة في البناء لمصلحة المواطنين ومراعاة للبيئة في الوقت نفسه.